ما المقصود بقوله تعالى ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض

 


 

السؤال
إذا كان الزبور هو كتاب سيدنا داود، والذكر هو القرآن ، فما المقصود بقوله تعالى {ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون} الأنبياء : 105؟

قال الشيخ الشعراوى رحمه الله فى خواطره حول الآية الكريمة :

والكَتْب: التسجيل، لكن علم الله أزليٌّ لا يحتاج إلى تسجيل، إنما التسجيل من أجلنا نحن حتى نطمئن، كما لو أخذتَ من صاحبك قَرْضاً وبينكما ثقة، ويأمن بعضكم بعضاَ، لكن مع هذا نكتب القَرْض ونُسجِّله حتى تطمئن النفس.

ومعنى: { كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ.. } [الأنبياء: 105] الزبور: الكتاب الذي أُنزِل على نبي الله داود، ومعنى الزبور: الشيء المكتوب، فإنْ أطلقتَها على عمومها تُطلَق على كل كتاب أنزله الله، ومعنى: { مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ.. } [الأنبياء: 105] الذِكْر: يُطلَق مرة على القرآن، ومرة على الكتب السابقة. وما دام الزَبور يُطلَق على كل كتاب أنزله الله فلا بُدَّ أن للذكر معنى أوسع؛ لذلك يُطلَق الذكر على اللوح المحفوظ، لأنه ذكْر الذكْر، وفيه كل شيء.

فمعنى: { كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ.. } [الأنبياء: 105] أي: في الكتب التي أُنزلَتْ على الأنبياء ما كتبناه في اللوح المحفوظ، أو ما كتبناه في الزبور، لا أنّ سيدنا داود أعطاه الله فوق ما أعطى الآخرين.

ومعنى: { مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ.. } [الأنبياء: 105] هذه تدل على أن واحداً أسبق من الآخر، نقول: القرآن هو كلام الله القديم، ليس في الكتب السماوية أقدم منه، والمراد هنا { مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ.. } [الأنبياء: 105] بعدية ذِكْرية، لا بعدية زمنية.

فما الذي كتبه الله لداود في الزبور؟ كتب له { أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ } [الأنبياء: 105] كلمة الأرض إذا أُطلقَتْ عموماً يُراد بها الكرة الأرضية كلها.

وقد تُقيَّد بوصف معين. كما في:
{ الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ.. }
[المائدة: 21].

وفي:
{ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ.. }
[يوسف:80] أي: التي كان بها.

وهنا يقول تعالى: { أَنَّ ٱلأَرْضَ.. } [الأنبياء: 105] أي: الأرض عموماً { يَرِثُهَا.. } أي: تكون حقاً رسمياً لعبادي الصالحين. فأيُّ أرض هذه؟ أهي الأرض التي نحن عليها الآن؟ أم الأرض المبدلة؟

ما دُمْنَا نتكلّم عن بَدْء الخَلْق وإعادته، فيكون المراد الأرض المبدلَة المعادة في الآخرة، والتي يرثها عباد الله الصالحون، والإرْث هنا كما في قوله تعالى:
{ تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
[الأعراف: 43].

 

اذا اتممت القراءة شارك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم